جديد التقنية والتكنلوجيا والحوارات التعليميه والجادههذا القسم مخصص لكل الحوارات والنقاشات العامة في مادة الحاسب الآلي في التعليم العام ومواكبة جديد عالم التقنية والتكنلوجيا والإنترنت وجديد فلاشات وروائع التعليم
لم أضغط أيقونة " إضافة موضوع " لأسهب الحديث عن امتلاك الصغار للهواتف المحمولة .. وليس ذلك استهانةً مني بهذا الموضوع , بل لأنه أشبع نقاشاً إن لم يكن هنا ففي مجالسنا الاعتيادية وكثر طرحه والكلام عنه ..
فمن مشاكله الصحية وكونه أشد خطراً عليهم من الكبار - حيث ذكر أحد الأطباء المصريين أن ذلك الخطر يعود إلى أن الخلايا العصبية في دماغ الطفل ماتزال في مرحلة نمو فيكون خطر ترددات الجوال وإعاقتها لنمو تلك الخلايا العصبية أشد من الإنسان البالغ الذي تكون تلك الخلايا قد اكتمل نموها لديه –
إلى مشاكله الاجتماعية من اقتناء البلوتوثات والمقاطع الضارة التي قد تخل بتربيته أو امتداد ضرره و إيذائه إلى غيره مستغلاً صغره بتصوير محارم غيره وغيرها الكثير ..
ويظل الكثير من الآباء والأمهات يعلق قناعته بهذا الأمر على سمّاعة [ ما أبغى أحسسه أنه أقلّ من غيره ] .. وما علموا أن شعوره بأنه أقل من غيره خير له ولهم من أن يخسروا جهد التربية الذي تعاهدوا بناءه لسنوات بمقطع واحد – هذا إذا سلمنا بصحة هذا العذر – وإلا فلدى الوالدين الكثير من السبل والطرق لتعويض الطفل عن ذلك الإحساس أقلها أن يسمحوا للطفل بأن تكون هواتفهم المحمولة تحت تصرفه متى شاء فلا هو الذي توسع باستعماله كيف شاء ولا هو الذي انحرم منه تماماً ..
بعض الوالدين يرمي عذراً في بحر الوهم حين يقول أن استعمال طفله للجوال سيكون تحت مراقبته ومتابعته .. نعم , سيشدد المتابعة والمراقبة في أول الأمر ولكن مع الأيام والمشاغل ستفتر تلك المتابعة والمراقبة في الوقت الذي يزداد فيه النهم الطفولي للغوص في أغوار التقنية واستكشاف المجهول ..
ليس هذا ما أردته في هذا الموضوع فإذا كنت أرفض هذا النهج ولديّ قناعاتي فهناك من يوافقه ولديه أيضاً قناعاته ..
ما أردته .. هو الشريحة الأصغر من أن تحمل الهاتف المحمول بأكفها فضلاً على أن تقتنيه و تملكه .. ما موقعهم على خارطة هذه التقنية ؟!
في جلسة عائلية منذ مدة طويلة لم تسمح لنا الأيام بمثلها .. وبعد أن أزعجها صغيرها الذي أتم العامين من عمره , مدت له ريم هاتفها المحمول بعد أن فتحته على مقطع طفولي يحمل الأنشودة المحببة لدى كل الصغار [ أمي ربة بيت ] ليكف عن إزعاجه ..وبالفعل سرى سحر تلك الأنشودة له عندما حوى الجوال بكفيه الصغيرين وأخذ يطلق الضحكات ويحرك جسمه الصغير تناغماً مع تلك الأنشودة ..
وبعد لحظات أشرت إليها أن التفتِ إلى جوالك .. فإذا به تحول إلى اللون الكاكاوي بسبب قطعة الشيكولاته التي كانت بيده لتمثّل أمام ابنها البكاء بيأسأما هو فاكتفى بالنظر إليها نظراتٍ لا معنى لها
انشغلنا بالسلام على إحدى ضيوف العائلة لنعود لغرفتنا ليقابلنا [ حمودي ] بابتسامة صاخبة : ماما ثوفي نظفته لث " ماما شوفي نظفته لك "
فإذا بالبطل قد غمس جوال أمه في الماء بكامله تنظيفاً له عما علق فيه من الشيكولاته وكنوع من الاعتذار لها ..
لتضطر لتغييره للمرة الثانية بسبب بطلها الصغير ..
:::
عاد من عمله في الثانية والنصف ظهراً ليتناول طعام الغداء ويستسلم لقسط من الراحة تنتشله من أدران التعب ..
نسي هاتفه المحمول على أحد الآرائك في غرفة الجلوس لتخلفه إليه طفلته ذات الثلاث سنوات وتلهو به .. وضعت الهاتف في فمها ليوافق رنينه ساعة من القدر فتسقط تلك الصغيرة مصابة بصعقة أدخلت على إثرها العناية المركزة بعد أن استسلمت لغيبوبة طويلة ..
:::
تلك صورتين والقائمة تطول تجسد الأخطاء والأخطار التي تحف براءة الطفولة العابثة بأسوار التقنية ..
:::
وضعه في الفم ..
بل حتى تردداته القريبة من الطفل عند رنينه ..
الغمس في الماء ..
الإلقاء به على الأرض الصقيلة أو في الجدار بقوة ..
وغيرها من الأخطار والأخطاء التي قد تكلف الكثير .. ولو كانت التكاليف تكاليف المال لهان الأمر .. لكن ماذا لو كانت الأرواح البريئة هي الثمن ؟!
قد يكون الأمر اخفّ عندما يتسلسل هذا الجهاز للأكف الصغيرة بغفلة من الأهل وإن كانت المسئولية تحتم عليهم رعاية هذا الصغير عن كل ممكن من مكامن الخطر ولكن ذلك أهون من أن تسلم الأم أو الأب صغيرهم لمشنقة الخطر بأيديهم بإعطائهم إياه دون متابعة ..
هناك من الأمهات من تضع في جوالها المقاطع والأناشيد التي قد لا ترغب بها وإنما فقط لتسكت من خلالها طفلها حال إزعاجه لها ..
حتى لا أكون مبالِغة .. أنا لا أنادي بمنعهم تماماً بل بعض الأطفال هو من يبكي يريد هذا الجهاز الصغير ظناً منه أنها لعبة .. ولكن لا أن تضعه الأم بيده وتولي ظهرها عنه .. بل في وقت فراغها تضع صغيرها في حضنها وتبقي جوالها بيدها وتسمعه ما يحب من الأناشيد والمقاطع الطفولية ..
أن لا أريد من خلال هذا الموضوع الوقوف في وجه ثقافة الطفل التقنية و الحد منها في بداية الطفولة أو حتى في مراحل متقدمة منها ولكن تلك الثقافة ينبغي أن يؤطرها الوالدين بالأطر الصحية والاجتماعية النافعة للطفل أولاً ..
حفظ الله للجميع بسمة الدنيا لكي لا تفتأ هذه الأرض بسمة الثغر بهم دوماً ..