بسم الله الرحمن الرحيم
 
التفكير أمر مألوف لدى الناس يمارسه كثير منهم ، 
ومع ذلك فهو من اكثر المفاهيم غموضاً وأشدِّها استعصاءً على التعريف . 
ولعلَّ مردَّ ذلك إلى أن التفكير لا يقتصر أمرُه على مجرد فهم الآلية التي يحصل بها ، 
بل هو عملية معقدة متعددة الخطوات ، تتداخل فيها عوامل كثيرة تتأثر بها وتؤثر فيها . 
فهو نشاط يحصل في الدماغ بعد الإحساس بواقع معيَّن ، 
مما يؤدي إلى تفاعلٍ ذهنيٍّ ما بين قُدُرات الذكاء وهذا الإحساس والخبرات الموجودة لدى الشخص المفكر ، 
ويحصل ذلك بناءً على دافعٍ لتحقيق هدف معين بعيداً عن تأثير المعوقات . 
 
يتضح لنا من هذا العرض أن التفكير عملية ذهنية لها أركان وشروط ،
وتدفعها دوافع ومثيرات ، وتقف في طريقها العقبات . 
كما نلاحظ تعدد الجوانب وكثرة العوامل المتداخلة والمؤثرة والمتأثرة بالتفكير ، 
ولعلَّ هذا ما يُفسّر كثرة التعريفات الواردة على التفكير ، وكثرة التقسيمات المتعلقة به وبعملياته ونواتجه . 
 
بناءً على ذلك يمكن صياغة التعريف التالي للتفكير: 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
التفكير عملية ذهنية يتفاعل فيها الإدراك الحِسّي مع الخبرة والذكاء لتحقيق هدف ، ويحصل بدوافع وفي غياب الموانع . 
 
حيث يتكون الإدراك الحسي من الإحساس بالواقع والانتباه إليه ؛
أما الخبرة فهي ما اكتسبه الإنسان من معلومات عن الواقع ، ومعايشته له، وما اكتسبه من أدوات التفكير وأساليبه ؛
وأما الذكاء فهو عبارة عن القدرات الذهنية الأساسية التي يتمتع بها الناس بدرجات متفاوتة .
 
ويحتاج التفكير كما يقول صاحب هذا المبحث الأستاذ (عزيز محمد ابوخلف) إلى دافع يدفعه ، 
ولا بد من إزالة العقبات التي تصده وتجنب الوقوع في أخطائه بنفسية مؤهلة ومهيأة للقيام به 
ويلجأ الناس في محاولتهم فهم التفكير أو العقل إلى مصادر ثلاثة هي : 
 
أ- الفلسفة ــــــــــــــــــ 
ب- علم النفس ــــــــــــــ 
جـ- علم الأعصاب ـــــــــ 
 
ولكنهم يهملون عن عمد مصدراً آخر على جانب كبير من الأهمية والفائدة ، أو يتجنَّبونه عن غفلةٍ واستحياء ، ألا وهو : 
 
د- الفكر الإسلامي ـــــــ 
والمتمثل في الكتاب والسنة وآثار الصحابة والكم النوعي الهائل من الفكر الذي نشأ لخدمتها جميعا ، م
ثل علوم القرآن والحديث واللغة وعلم الفقه وأصوله وغيرها .
لقد آن الأوان لنفض الغبار عن هذا المارد الفكري العملاق لتقديمه بديلا فكريا لما هو موجود ، 
ليُزيل الظلمة الحالكة والتخبط الفكري الذي يَلُفُّ العالم اليوم ، 
وليعيد إلى الناس الطمأنينة والسعادة الأبدية المنشودة .
إن في هذا المصدر العظيم كنوز تحتاج إلى التشمير عن السواعد ، واستنهاض الهمم ، 
من أجل العمل الجاد المُثمر للكشف عنها ، والعمل بها ، وتطبيقها ، وتقديمها سائغةً للشاربين . 
 
 
ما هي مهارة التفكير وهل يمكن تَعلُّمها ؟ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ 
 
مهارة التفكير هي القدرة على التفكير بفعالية ، 
أو هي القدرة على تشغيل الدماغ بفعالية . ومهارة التفكير -
شأنها في ذلك شأن أي مهارة أخرى - تحتاج إلى: 
 
1. التعلُّم لاكتسابها بالتمرين . 
2. التطوير والتحسين المستمر في الأداء . 
3. الممارسة والاصطبار على ذلك . 
 
إن تَعلُّم مهارة التفكير أمر مؤكد قائم فعلاً على الرغم من التشكيك المُثار حول ذلك ، 
والذي مردُّه إلى أن التفكير عملية طبيعية تلقائية يقوم بها أي إنسان . 
ولكن الإنسان يقوم بعمليات تلقائية كثيرة ومع ذلك فهو بحاجة إلى تعلُّمها وتطويرها ،
كما أن فطرة الإنسان لم تعد بمنأى عن التغيير والتحريف حتى في أمور الغرائز .
ناهيك عن التعصب والانحياز الأعمى والغشاوات الكثيرة القابعة على منافذ التفكير .
وعليه فان الحاجة إلى تعلُّم التفكير وتعليمه تتأكد بأمرين: 
 
1. اعتبار التفكير مهارة , وأية مهارة تحتاج في اكتسابها إلى التعلُّم . 
 
2. أن التفكير عملية معقدة متعددة الجوانب تتأثر بعوامل كثيرة وتقف في طريقها العقبات . 
 
تميل معظم التوجهات إلى إدخال التفكير ضمن المناهج لاتخاذه سبيلاُ للتحصيل المعرفي وإنتاج الأفكار .
وهذا أمر مُلحّ لا بد أن تتبناه كافة المؤسسات التعليمية وتُدرجه في مناهجها لتواكب التقدم الهائل في التعليم ووسائله ، 
وليكون لدى المتعلم القدرة على متابعة الكم المتسارع من المعلومات المتدفقة بغزارة .
ولكن لا بد من الحرص على أن لا يصير مآل التفكير إلى مادة دراسية لها كتاب مقرر وتُعَد لها الامتحانات .
حينها سيفقد التفكير أهميته ومهمته ، ولن يتجاوز كونه معرفة جديدة تضاف إلى لائحة المعارف الموجودة .
فإنه مما يُؤخذ على التعليم تركيزه على إعطاء المعلومات وكثرة الواجبات والأعباء الملقاة على المتعلمين ، 
مما قد يعيق عملية التفكير أثناء التعلُّم بسبب التركيز فقط على تحصيل المعرفة . 
 
 
تنمية مهارات التفكير: 
ـــــــــــــــــــــــــــــــ 
 
بالنظر إلى التعريف السابق للتفكير يمكن تلخيص مهارات التفكير فيما يلي: 
 
أ- مهارات الإعداد النفسي والتربوي . 
ب- المهارات المتعلقة بالإدراك الحسي والمعلومات والخبرة . 
ت- المهارات المتعلقة بإزالة العقبات وتجنب أخطاء التفكير . 
 
 
 
حيث يتمثل الإعداد النفسي فيما يلي: 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ 
 
إثارة الرغبة في الموضوع ، وتُعرف بحب الاستطلاع وإثارة التساؤلات والتعمق . 
 
الثقة بالنفس وقدرتها على التفكير والوصول إلى النتائج . 
 
العزم والتصميم ، ويتمثل في : السعي لهدف ؛ تحديد الوجهة وطريقة العمل والمتابعة الدءوبة الذاتية لذلك؛ الحرص على النتائج المفيدة . 
 
المرونة والانفتاح الذهني وحب التغيير : الإقرار بالجهل أن لزم ؛
الاستماع إلى وجهة نظر الآخرين (فتأخذ بها أو ترفضها) ؛ استشارة الآخرين ؛ 
الاستعداد للعدول عن وجهة نظرك ولتغيير الهدف والأسلوب إن لزم الأمر ؛ التريُّث في استخلاص النتائج . 
 
الانسجام الفكري ، ويتمثل في تجنب التناقض والغموض ، 
وسهولة التواصل مع الآخرين بأفكار مُقنعة وواضحة ومفهومة . 
 
 
أما المهارات المتعلقة بالإدراك الحسي والذاكرة فيمكن تلخيصها كالتالي: 
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ 
توجيه الحواس حسب الهدف والخلفية العلمية أو الفكرية .
وهذا يعني التمرس على توجيه الانتباه . 
الاستماع الواعي والملاحظة الدقيقة وربط ذلك مع الخبرة الذاتية ،
أي تمحيص الإحساسات والتأكد من خلوها من الوهم والتخيلات . 
 
توسيع نطاق الإدراك الحسي بالنظر إلى عدة اتجاهات ومن عدة زوايا . 
 
تخزين المعلومات وتذكرها بطريقة منظمة واستكشافية :
إثارة التساؤلات ، 
استكشاف الأنماط ،
استخدام الأمارات الدالة والأشياء المميزة ،
اللجوء إلى القواعد التي تسهل تذكر الأشياء ،
مناقشة الآخرين والتحدث معهم علهم يثيرون فيك ما يؤدي إلى التذكر . 
 
 
 
أما المهارات المتعلقة بالواقع والمعلومات فهي كالتالي: 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ 
إعادة ترتيب المعلومات المتوفرة : التركيب ، التصنيف ، إتباع المنهج الملائم . 
 
جمع المعلومات : استخراجها من مصادرها ، السؤال عنها ، البحث التجريبي . 
 
تمثيل المعلومات بصورة ملائمة : في جدول أو رسم بياني أو مخطط أو صورة . 
 
استكشاف الأنماط والعلاقات فيما بين المعلومات : ترتيب ، تعاقب ، سبب ومسبب ، نموذج ، مثل ، تشبيه ، مجاز . 
 
اكتشاف المعاني : الاشتقاق ، التلخيص ، التخيل للكشف عن المضمون .