في المقبرة ..
بسم الله الرحمن الرحيم ..
(( هذه عبارات بسيطة أكتبها لكم بأناملي .. اسموها قصة .. أو مقالة ,, أو ما شئتم ... المهم أرجو أن تجد طريقها إلى قلوبكم ... ))
في المقبرة ..
لم تكن لك المرة الأولى التي دخلت فيها المقبرة ... فكثير ماذرفت عيني على قريب , ومرات ما مسحت دموعي حزنا على صديق .. ,,, لكنني لم يقشعر بدني ,, ولم يسبق لي أن شعرت بوحشة كتلك التي شعرت بها يوم الاثنين الماضي ...
فرغبة في الأجر .. وحبا في الطاعة وطمعا في الثواب الذي شبه , بجبل أحد .. دخلت إلى المقبرة , لأعزي أحد زملائي في وفاة والدة ... شئ غريب أحسست به عندما رأيت أولئك الجمع .. يحمل ميتا .. متجهين به حيث بيته الأخير .. اخذت الأفكار تتصارع في رأسي ..وأخذت أقول .. قد دخل ذلك الميت إلى هنا يوما .. مثلي .. ونفض الغبار عن يديه .. وخرج .. مثلي الآن بالضبط ..
أوقفت سيارتي .. أطفئت المكيف .. كانت الساعة الواحدة ظهرا ..
ودرجة الحرارة في الرياض 37 درجة مئوية ..
فتحت باب سيارتي .. وإذا بالحرارة , والغبار , تحيطني ,, كأنها تقول لي : عد من حيث أتيت .. سبحان الله هذا ما أشعر به فوق الأرض ...
كيف سيكون الحال .... تحتها .... (( يااااااا ربي .. رحماك ... )) ..
اتجهت حيث الجمع الكثير من الناس ..
رأيت هناك وجوه أعرفها وأخرى ... لا علم لي بها ...
كان وصلوا متأخرا .. فقد وسدوا الميت التراب .. ومعه اثنان في قبره يجهزون له مثواه الأخير ..
كل من حول القبر مشغول .. فهذا يخلط الطين .. وذاك يسكب الماء , والآخر ,, يحمل أداة الحفر .. ( أعطوني لبنه ... ماء .. ادعوا له بالرحمة ... بكاء .. إسألوا له الثبات .. )
عبارات سمعتها تدور من حولي .. وأنا أتمم في نفسي (( اللهم ثبته ,, اللهم ثبته ))
اخذت أقول لنفسي ... ستقال يوما ما ... وأنا أتوسد التراب ..
أثناء انشغال الناس .. رأيت قبرا قد حفر ... ولكن الله يعلم من سيسكنه ..
بل ربما أنه قد سكن الآن ...
اتجهت إليه .. أخذت أنظر إليه .. ياالله .. ما هذه الحفرة الضيقة عرضها قصير .. وطولها أقصر , تأملتها بكل جوارحي .. ياالله .. اخذت أقارنها .. (( بفراشي الذي أنام عليه .. )) هل سأتقلب فيه يمنة ويسرة , هل سأشعر بالبرد فالتحف بمثل تلك (( البطانية )) التي رميت على النعش,, أم سأجد حرا ,, فأبحث عن هواء المكيف .. بدأ شريط ذكريات يتحرك بداخلي .. أخذت أستعرض أعمالي ... هل ستنجيني من ضمة هذا القبر ؟؟ هل سأسلم من دواب الأرض الا تأكلني !!؟؟ هل .. وهل ؟؟
آآآآآآه ...حر ,, غبار ,, شمس,, (( ياالله اشعر بضيق في التنفس .. )) تنفست بقوه ,,, شعرت بعبرة تخرج .. ولكنها ليست من عيني بل من أعماق صدري ...
فجأه .. سمعت صوتا غريبا .. التفت , وإذا بهم يهلون التراب على حبيبهم .. أخوانه , وأبناءه .. وكل من حضر .. عدت إليهم .. احتضنت .. صاحبي .. وعزيته في والده وطلبت له الرحمة ..
واتجهت نحو سيارتي .. وخطاي تتسابق .. كأنها تريد النجاة من أمر جلل ..
ركبت سيارتي ... وقلت في نفسي (( اليوم حر شديد .. ))
ضغت باصبعي على المكيف .. وضبطته على درجة البرودة الشديدة .. وقدت سيارتي نحو البوابة ..
وانا أقول لنفسي (( سأعو د إلى هاهنا يوما ... ولكن كيف .. )) .... أحاملا !!؟؟ أم محمول !!؟؟؟؟؟
أستودعكم الله ..
عبدالله المالكي .... 21 / 3 / 1429 هـ
|