منتديات حاسبكو المتخصصة بمادة الحاسب الآلي

منتديات حاسبكو المتخصصة بمادة الحاسب الآلي (http://www.7asabco.org/index.php)
-   المنتدى الاسلامي العام (http://www.7asabco.org/forumdisplay.php?f=48)
-   -   في ظلال قوله تعالى(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله..) لسيد قطب(30). (http://www.7asabco.org/showthread.php?t=13669)

متفااائل 10-17-2011 11:46 AM

في ظلال قوله تعالى(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله..) لسيد قطب(30).
 
(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم - ومن يغفرالذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون). .
يالسماحة هذا الدين !
إن الله - سبحانه - لا يدعو الناس إلى السماحة فيما بينهم حتى يطلعهم على جانب من سماحته - سبحانه وتعالى - معهم .
ليتذوقوا ويتعلموا ويقتبسوا:

إن المتقين في أعلى مراتب المؤمنين . .
ولكن سماحة هذا الدين ورحمته بالبشر تسلك في عداد المتقين (الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم). .
والفاحشة أبشع الذنوب وأكبرها .
ولكن سماحة هذا الدين لا تطرد من يهوون إليها , من رحمة الله .
ولا تجعلهم في ذيل القافلة . .
قافلة المؤمنين . .
إنما ترتفع بهم إلى أعلى مرتبة . .
مرتبة "المتقين" . .
على شرط واحد . شرط يكشف عن طبيعة هذا الدين ووجهته . .
أن يذكروا الله فيستغفروا لذنوبهم , وألا يصروا على مافعلوا وهم يعلمون أنه الخطيئة ,
وألا يتبجحوا بالمعصية في غير تحرج ولا حياء . .
وبعبارة أخرى أن يكونوا في إطار العبودية لله , والاستسلام له في النهاية .
فيظلوا في كنف الله وفي محيط عفوه ورحمته وفضله .

إن هذا الدين ليدرك ضعف هذا المخلوق البشري الذي تهبط به ثقلة الجسد أحيانا إلى درك الفاحشة , وتهيج به فورة اللحم والدم فينزو نزوة الحيوان في حمى الشهوة ,وتدفعه نزواته وشهواته وأطماعه ورغباته إلى المخالفة عن أمر الله في حمى الاندفاع .
يدرك ضعفه هذا فلا يقسو عليه ,
ولا يبادر إلى طرده من رحمة الله حين يظلم نفسه .
حين يرتكب الفاحشة . .
المعصية الكبيرة . .
وحسبه أن شعلة الإيمان ما تزال في روحه لم تنطفىء ,
وأن نداوة الإيمان ما تزال في قلبه لم تجف ,
وأن صلته بالله ما تزال حية لم تذبل ,
وأنه يعرف أنه عبد يخطىء وأن له ربا يغفر . .
وإذن فما يزال هذا المخلوق الضعيف الخاطىء المذنب بخير . .
إنه سائر في الدرب لم ينقطع به الطريق ,
ممسك بالعروة لم ينقطع به الحبل ,
فليعثر ما شاء له ضعفه أن يعثر .
فهو واصل في النهاية ما دامت الشعلة معه ,
والحبل في يده .
ما دام يذكر الله ولا ينساه ,
ويستغفره ويقر بالعبودية له ولا يتبجح بمعصيته .
إنه لا يغلق في وجه هذا المخلوق الضعيف الضال باب التوبة ,
ولا يلقيه منبوذا حائرا في التيه !
ولا يدعه مطرودا خائفا من المآب . .
إنه يطمعه في المغفرة ,
ويدله على الطريق ,
ويأخذ بيده المرتعشة ,
ويسند خطوته المتعثرة ,
وينير له الطريق ,
ليفيء إلى الحمى الآمن ,
ويثوب إلى الكنف الأمين .
شيء واحد يتطلبه:
ألا يجف قلبه ,
وتظلم روحه ,
فينسى الله . .
وما دام يذكر الله .
ما دام في روحه ذلك المشعل الهادي .
ما دام في ضميره ذلك الهاتف الحادي .
ما دام في قلبه ذلك الندى البليل . .
فسيطلع النور في روحه من جديد ,
وسيؤوب إلى الحمى الآمن من جديد ,
وستنبت البذرة الهامدة من جديد .

إن طفلك الذي يخطىء ويعرف أن السوط - لا سواه - في الدار . .
سيروح آبقا شاردا لايثوب إلى الدار أبدا .
فأما إذا كان يعلم أن إلى جانب السوط يدا حانية ,
تربت على ضعفه حين يعتذر من الذنب ,
وتقبل عذره حين يستغفر من الخطيئة . .
فإنه سيعود !
وهكذا يأخذ الإسلام هذا المخلوق البشري الضعيف في لحظات ضعفه . .
فإنه يعلم أن فيه بجانب الضعف قوة ,
وبجانب الثقلة رفرفة ,
وبجانب النزوة الحيوانية أشواقا ربانية ..
فهو يعطف عليه في لحظة الضعف ليأخذ بيده إلى مراقي الصعود ,
ويربت عليه في لحظة العثرة ليحلق به إلى الأفق من جديد .
ما دام يذكر الله ولا ينساه ,
ولا يصر على الخطيئة وهو يعلم أنها الخطيئة !
والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يقول:" ما أصر من استغفر , وإن عاد في اليوم سبعين مرة "
والإسلام لا يدعو - بهذا - إلى الترخص ,
ولا يمجد العاثر الهابط ,
ولا يهتف له بجمال المستنقع !
كما تهتف "الواقعية" !
إنما هو يقيل عثرة الضعف ,
ليستجيش في النفس الإنسانية الرجاء ,
كما يستجيش فيها الحياء !
فالمغفرة من الله - ومن يغفرالذنوب إلا الله ؟ -
تخجل ولا تطمع ,
وتثير الاستغفار ولا تثير الاستهتار .
فأما الذين يستهترون ويصرون ,
فهم هنالك خارج الأسوار ,
موصدة في وجوههم الأسوار !
وهكذا يجمع الإسلام بين الهتاف للبشرية إلى الآفاق العلى ,
والرحمة بهذه البشرية التي يعلم طاقتها .
ويفتح أمامها باب الرجاء أبدا ,
ويأخذ بيدها إلى أقصى طاقتها .


انتهى من الظلال.
رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة.


ديما99 10-17-2011 04:50 PM

رد: في ظلال قوله تعالى(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله..) لسيد قطب(
 
جزاك الله خيرا اخووي
وجعله الله في ميزان حسناتك

Chairman 10-17-2011 05:25 PM

رد: في ظلال قوله تعالى(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله..) لسيد قطب(
 
جزاك الله خير اخي متفائل وبارك فيك

حلم غالي 10-18-2011 01:05 AM

رد: في ظلال قوله تعالى(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله..) لسيد قطب(
 
جزاك الله عنا كل خير وسدد خطاك


الساعة الآن 07:43 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لدى موقع ومنتديات حاسبكو 1431هـ/1432هـ

a.d - i.s.s.w