تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سأكون كأبي ضمضم :: مقال عن اللسان وخطورته أعجبني فنقلته


omail
11-06-2008, 12:48 PM
كنت أبحث عن هذه المقولة ليحي بن معاذ حيث قال : ( القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها فانظر إلى الرجل حين يتكلم فان لسانه يغترف لك مما في قلبه حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه) فوجدتها في هذا المقال الذي أعجبني فأحببت أن أشارككم فيه، نفعني الله وإياكم بما فيه.

اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة فإنه صغير جرمه عظيم طاعته إذ لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادته وهو أعصى الأعضاء فإنه لا تعب في إطلاقه ولا مؤونة في تحريكه ولا نجاة منه إلا بتقييده ولجمه بلجام الشرع قال تعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) وقال تعالى ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَاماً كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) فكل كلمة تتلفظ بها فهي محفوظة ( وإن كانت كتابة بالقلم) يقول الرسول ( من صمت نجا ) أخرجه الترمذي وقال ( من سره أن يسلم فليلزم الصمت ) وقال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) وهذه القاعدة الشرعية في الكلام والصمت فهذا الفضل للصمت سببه كثرة آفات اللسان من الخطأ والكذب والغيبة والنميمة والرياء والنفاق والفحش والمراء وتزكية النفس والخوض في الباطل والخصومة والفضول والتحريف والزيادة والنقصان وإيذاء الخلق وهتك العورات ونحوها فهذه آفات كثيرة لا تثقل عليه ولها حلاوة في القلب أمر آخر يدلك على فضل الصمت هو أن الكلام أربعة أقسام

1- قسم هو ضرر محض.
2- قسم هو نفع محض .
3- قسم فيه ضرر ومنفعة .
4- قسم ليس فيه ضرر ولا منفعة.

أما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول والاشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران فلا يبقى إلا القسم الرابع فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي ربع وهذا الربع فيه الخطر إذ يمتزج بما فيه إثم من دقائق الرياء والتصنع والغيبة وتزكية النفس وفضول الكلام امتزاجا يخفي دركه فيكون الإنسان به مخاطرا فإن قلت أيهما أفضل الصمت أو الكلام قلنا لاشك أن الكلام بالخير أفضل من السكوت لأن أرفع ما في السكوت السلامة والكلام بالخير غنيمة كما في الحديث ( رحم الله عبدا قال : خيرا فغنم أو سكت فسلم )

ومما يؤكد خطورة هذا اللسان أيضا حديث أم حبيب زوج النبي قالت: قال رسول الله: ( كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمرٌ بالمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله ) ولما أقبل موسى الأشعري إلى رسول الله مستنصحاً أي المسلمين خير قال: ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) فلا يعتدي على المسلمين ولا يقع في أعراضهم وقد تعجب معاذ بن جبل رضي الله عنه بقوله وإنا لموآخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ قال: ( ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم (أو قال: على مناخرهم) إلا حصائد ألسنتهم) والحديث يدل على أن أكثر ما يدخل الإنسان النار هو اللسان وقد جاء هذا صحيحا عن النبي عندما سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال ( تقوى الله وحسن الخلق ) فسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار قال ( الأجوفان الفم والفرج ) ولذلك أوصى النبي عقبة بن عامر حينما قال ما النجاة يارسول الله قال ( أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك ) وهو حديث صحيح . وأعجب من هذا حديث بِلالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِي قَال: سمعت رسول الله يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً فيرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوي بها في نار جهنم) وكان علقمة يقول ( كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث) أي هذا الحديث لحرصهم رضي لله عنهم وأرضاهم .

ولذلك جميع الأعضاء يدور صلاحها على اللسان كما جاء في البخاري أن النبي قال (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا) وذلك أن اللسان يعبر عن القلب فإذا صلح اللسان صلح القلب . قال يحي بن معاذ : ( القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها فانظر إلى الرجل حين يتكلم فان لسانه يغترف لك مما في قلبه حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه).



وكائن ترى من صامت لك معجب=زيادتـــه أو نقصـه في التـكلم
لسان الفتى نصف ونصـف فــؤاده=فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

فيا أيها الإخوة احفظوا ألسنتكم واقلامكم لا تطلقوا عنانها فتهلككم واعلموا أنكم محاسبون على كل كلمة تخرج من أفواهكم واحذروا من قذف المسلمين قال الله تعال) والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون (هذه آفة لا يكاد يسلم منها اليوم إلا موفق من كثرة من يقع فيها إن قذف المؤمنين والمؤمنات في أعراضهم أو دينهم أو اتهامهم بما هم منه براء كل ذلك باب من الذنب عظيم وهو من الكبائر كما صح في ذلك الخبر عن المصطفى وقد بلينا اليوم بألسنه صارت ترى تجريح المسلمين خاصة العلماء منهم والدعاة دين تدين الله به ومن هذا المنطلق الواهي اتهامهم في عقائدهم وسلوكهم وتفسير مقاصدهم ونياتهم فترى وتسمع رمي ذاك أو هذا بأنه إخواني تبليغي مراء من علماء السلطان كل هذا يقال من غير بينة ولا برهان إنما بالهوى والظن .

وكذلك الغيبة والنميمة التي هي فاكهة المجالس والغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره قال النووي في الأذكار مفصلاً ذلك ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلْقه أو خُلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو الإشارة أو الرمز وثبت أن عائشة أو غيرها من أمهات المؤمنين قالت: يا رسول الله حسبك من صفية كذا وكذا تعني أنها قصيرة فقال : ( لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لغيرته )

وأعظم من هذا حديث سعيد بن زيد أن النبي قال : ( من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق ) .قال أبو الطيب في شرحه لأبي داود: (الاستطالة) أي إطالة اللسان.(في عرض المسلم) أي احتقاره والترفع عليه والوقيعة فيه.

انظر في مجالسنا فلان فيه أخطاء والآخر فيه تقصير تقويم للآخرين نسينا عيوبنا ولو أعمل عاقل فكره في الجالسين أنفسهم لوجد فيهم بذاءة في اللسان وسوءًا في المعاملة والأخلاق فهو إن جاء للصلاة نقرها نقر غراب مقصر في الفرائض مهمل للنوافل في وظيفته تأخر وإهمال وفي بيته وسائل للفساد وضياع للأولاد وعقوق للأرحام كل هذه النقائص والمصائب عميت عليه فنسيها في نفسه وذكرها في إخوانه فلم يسلم منه حتى الصالحون قال الشافعي رضي الله عنه( من وعظ أخاه سرًا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشأنه). هذا الإيذاء إذا كان مجرد اللسان يرسل الكلمات هدرًا فكيف به إذا حسنّت زيفه فنون البلاغة والنظم الخطبُ أدهى عند ذاك بلا شك وأشد فيا أيها الأخ في الله إني عليك لمشفق فأمسك عليك لسانك وقلمك .


إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى=وحظك موفور وعرضك صيـن
لسانك لا تذكر به عورة أمـريء=فكلك عورات وللناس ألســن
وعينك إن أبـدت إليك معائبـا=فصنها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى=ودافع ولكن بالتي هي أحسـن

يقول بن القيم رحمه الله في الجواب الكافي ( من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ).

ويقول ( وفي اللسان آفتان عظيمتان إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى آفة الكلام وآفة السكوت وقد يكون كل منهما أعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاص الله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص الله)

وإن سألت عن سبب هذه الغفلة التي نعيشها قلت أنسينا القبر وعذابه والحساب والجزاء يوم القيامة وتعلقنا بالدنيا وشهواتها فانطلق اللسان يفري في لحوم العباد فريًا بلا خوف ولا وجل يقول الشاعر:


احذر لسانك أيها الإنسان=لا يلدغنك إنه ثعبان

ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( من كثر كلامه كثر لغطه ومن كثر لغطه قل ورعه ومن قل ورعه قل حياؤه ومن قل حياؤه مات قلبه ) وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول ( والله الذي لا إله إلا هولا يوجد في هذا الكون شيء أحق بطول حبس من لسان ) بل إن منهم من ينذر بالتصدق بالدرهم إن هو اغتاب أحدا لاستشعارهم بيوم سيحاسبون فيه على أعمالهم وإن كانت مثقال ذرة .

ونهاية الأمر النار عياذا بالله تعالى من ذلك قال ( إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) صحيح مسلم .

وفي النهاية آمل أن لا أكون أطلت عليكم حديثي هل نعجز أن نكون كأبي ضمضم يقول ابن القيم في مدارج السالكين: والجود عشر مراتب ثم ذكرها فقال: والسابعة الجود بالعرض كجود أبي ضمضم من الصحابة كان إذا أصبح قال: اللهم لا مال لي أتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني أو قذفني فهو في حل يقول الرسول (من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم) أو على أضعف الإيمان كف لسانك عن الناس فإنها صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ كما في الحديث ( تَكُفُّ شَرَّكَ عَنْ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ) رواه البخاري ومسلم وأحمد وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .

دفء المشاعر
11-06-2008, 02:11 PM
جزاك الله الخير والعافيه

بنوتة الحاسب
11-06-2008, 05:28 PM
جزاكـ الله اف خير في الدنيا والاخرة

تماراTMARA
11-07-2008, 09:36 PM
وكائن ترى من صامت لك معجب
زيـادتـه أو نقـصـه فـــي التـكـلـم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبـق إلا صـورة اللحـم والـدم


جزاك الله كل خير على الطرح الموفق
وفقك الله لما يحب ويرضى

فهد الشراري
11-08-2008, 03:29 AM
إذا شئت أن تحيا سليما مـن الأذى
وحظك موفـور وعرضـك صيـن
لسانك لا تذكر به عـورة أمـريء
فكلـك عـورات وللنـاس ألسـن
وعينـك إن أبـدت إليـك معائبـا
فصنها وقل يا عين للنـاس أعيـن
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكـن بالتـي هـي أحسـن


الله يكتب لك الاجر ويعطيك العافيه

مواضيعك رااااااااائعه وجميله جدا

تحياتي لك

دنيا الأمل
11-09-2008, 11:37 PM
إذا شئت أن تحيا سليما مـن الأذى
وحظك موفـور وعرضـك صيـن
لسانك لا تذكر به عـورة أمـريء
فكلـك عـورات وللنـاس ألسـن
وعينـك إن أبـدت إليـك معائبـا
فصنها وقل يا عين للنـاس أعيـن
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكـن بالتـي هـي أحسـن


موضوع رائع تستحق الشكر عليه

جزاك الله الف خير

عــــ بإسلامي ــــزتي
11-20-2008, 05:29 PM
بارك الله في جهدك وجزاك الله كل خير
وأسال الله أن يرلازقنا ألسنة صادقة ذاكرة بما يرضى الله