المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوميات صائم - تزكية النفوس 24 - مراقبة الله تعالى في السر والعلن


متفااائل
08-12-2012, 04:40 PM
تزكية النفس ( 24 )
مما يجب أن تتحلّى به النفس: مراقبة الله تعالى في السرّ والعلن
فمن ذاق حلاوة ذلك خفّت عليه طاعة الله [ وعلم أنه يطيع رباً يستأهل فهو صاحب النعم والفضائل عليه ] ، وراقب الله في طاعته فلا يتكاسل ولا يتهاون ولا يكلّ ولا يملّ لأنه يشعر أن له رباً يراه ( أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ) متفق عليه
وهكذا فهو بعيد كل البعد عن معصية الله ، ويشعر بحاجز بينه وبينها ، وهو الجلال والهيبة والعظمة لله ، إذ كيف يعصيه وهو ينظر إليه ومطّلع عليه ولا يخفى عليه شيء من أعماله
وقد تصل به درجة الحلاوة لمراقبة الله إلى شعور داخلي لا يستطيع التعبير به عما يجده من لذة ومتعة ، وقد يظهر هذا الشعور في دمعات تسيل على الخدين ، فيشعر بحلاوتها ولذّتها أعظم من لذات الدنيا بأسرها ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ... وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) متفق عليه
فهو قد فاضت عيناه إما خوفاً من رهبة الجليل الجبار الذي يأخذ بالذنب والمعصية
أو فاضت عيناه حباً للجليل ، واعترافاً له بالفضائل والنّعم ، وما دفعه عنه من النّقم والمصائب ، وهو يشعر أن له حظوة عند الله فغيره محروم من النعم التي هو يستمتع بها ، وغيره يعيش في المصائب والمحن التي هو سليم منها
والمقصود أن يكون الله على البال ، وأن يستقرّ في الداخل أن الله يعلم كل الأعمال التي يعملها الإنسان
وهكذا يخجل الإنسان من استعمال أعضائه في معصية الله ، ويخجل من قصورها في طاعة الله
ويقوّي هذه المراقبة في النفس : تذكّر ما لله من الجلال والعظمة والهيبة والمكانة فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ حَبْرٌ مِنْ الْأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَسَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} متفق عليه
فالله عظيمٌ جليلُ القدر ، ومن كان كذلك فلا ينبغي للعبد أن يعصيه في ملكه وتحت سماواته وفوق أرضه
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
وصلى الله وسلّم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .