المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوميات صائم - تزكية النفوس 10 - البغضاء والشحناء والحقد والكراهية


متفااائل
07-30-2012, 01:06 AM
تزكية النفس ( 10 )
مما يجب أن تتخلّى عنه النفس: البغضاء والشحناء والحقد والكراهية
وهي تمنع صاحبها من رفع عمله الصالح إلى الله تعالى ، بل تمنع عنه مغفرة الله حتى يصطلح مع الآخرين
وقد تكون هذه الأمراض لسبب أو لغير سبب ،
فإن كانت لغير سبب فلا يصح وقوعها في القلب ،
وإن كانت لسبب : فإن كان هذا السبب تافهاً لا يقال ولا يستطيع صاحبه البوح به وذكره لتفاهته فلا يصح أيضاً وقوع هذا في القلب ، وإن كان السبب والداعي له قوياً ، فلينظر في علاج هذا السبب بالطرق الشرعية من الصلح وتدخل المصلحين وأهل الخير وليأخذ كلّ ذي حق حقه [ حتى لا تضيع الحقوق والواجبات ]
إلا أنّ هناك علاجاً أنجع وأنفع وأعظم أجراً وهو العفو والصفح {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }الأعراف199
وهذا يوسف عليه السلام حين قال له إخوته { تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ }يوسف91 قال لهم { لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }يوسف92
وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم حين نادى قومه وقال : ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء )
والعفو والصفح والمسامحة هي أبرد للقلب وأريح له
وقد تكون سبباً في دخول الجنة ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماء من وضوئه معلق نعليه في يده الشمال فلما كان من الغد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى فلما كان من الغد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى فلما قام رسول الله صلى الله عليه و سلم اتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاث ليال فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل يميني فعلت فقال نعم قال أنس فكان عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه بات معه ليلة أو ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل بشيء غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر فيسبغ الوضوء قال عبد الله غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرا فلما مضت الثلاث ليال كدت أحتقر عمله قلت يا عبد الله إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت تلك الثلاث مرات فأردت آوي إليك فأنظر عملك فلم أرك تعمل كبير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟
قال ما هو إلا ما رأيت فانصرفت عنه فلما ولّيت دعاني فقال ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي غلاً لأحد من المسلمين ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه
قال عبد الله بن عمرو : هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق .
أما الآن :
فليس من المعقول هذا التقاطع والتنافر الحاصل بين بعض القرابات والجيران والأرحام ... فالواجب هو التقارب وردم الهوة الموجودة بين المتقاطعين
ثم إنّ من الواجب أيضاً أن يلين بعضهم لبعض حين المصالحة ، ولا يستعلي أحدهم أو يأنف أو يأبى من المصالحة ، فمن فعل ذلك فقد أقيمت الحجة عليه ، مع وجوب التواصل بين المتقاطعين حتى مع إعراض أحدهما عن الآخر
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ) رواه البخاري
وإنّ من صفات عباد الله المتقين سلامة قلوبهم حتى ينتفعوا بها يوم القيامة فإن الله تعالى يقول {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } الحشر10
فالواجب على النفس التخلّي عن هذه الأمراض المهلكة نعوذ بالله من الخذلان .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
وصلى الله وسلّم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .